الأربعاء، 4 مارس 2020

سلسلة اعرف تاريخ كنيستك من القرن العاشر الى التاسع عشر (7) 4- القرن الثانى عشر البابا كيرلس الثالث بن لقلق 1235-1243


بعد نياحة البابا يؤانس السادس ، ظل الكرسى البطريرك شاغرا مدة عشرين سنه تقريبا ، بسبب الظروف التى احاطت بالبلاد من جراء الحروب الصليبية
خلافات الاقباط فيما بينهم فى شأن من يصلح للبطريركية
ظهر ثلاث مرشحين للبطريركية لكل منهم فريق من الاراخنة يناصرونه واستعملوا اساليب رخيصة فى الدعاية لهم بعيدة عن اوامر الكنيسة وتقاليدها ، وكان هؤلاء المرشحون هم : القس بولس البوشى والقس داود بن لقلق الفيومى والارشيدياكون ابو شاكر بطرس ناظر كنيسة ابو سرجه بمصر القديمة التجأ فريق ابوشاكر بطرس الى وسائل غير مشروعة ، وقدموا مبالغ طائلة لبيت المال والسلطان نفسه ، ومع ذلك لم ينجحوا فيما ارادوا ، اما القس بولس البوشى والقس داود بن لقلق فظلا متلازمين يشتركان ويتعاونان فى وضع الكتب الدينية دفاعا عن الدين ، وظل القس داود بن لقلق طوال هذه المدة مثابرا فى اغتنام كل فرصة تواتية للوصول الى تحقيق الجلوس على كرسى البطريركية ،
اما القس بولس البوشى فلما رأى المنازعات على اشدها ، واخذت شكلا يتنافى مع الدين ، سحب نفسه من هذه المناقشة كما انسحب الارشيدياكون ابو شاكر بطرس ، وهكذا خلا الميدان للراهب القس داود بن لقلق الفيومى
حياته
من هو ابن لقلق .. كان من الفيوم حيث العديد من الاديرة وكانت هذه الاديرة مأهوله فى القرن الثالث عشر بالرهبان ، فانخرط داود فى احدها ولعله كان باسم دير القديس بقطر ، وكان من زملائه فى هذا الدير اللراهب بولس البوشى ، رسم داود قسا وخدم باحدى كنائس الفيوم ، وما لبث ان حدث خلاف شديد بينه وبين كهنه هذه الكنيسة ، وقام يمله بسبب هذه المنازعات اكابر المسلمين فى المدينة واعتقلوه فضا للمشاكل واستتباب للأمن ، لكنه ما لبث ان اطلق سراحه بواسطة احد اراخنة الكنيسة المدعو ابو الفتوح نشئ الخلافة المعروف بابن الميقاط واحضره الى القاهرة واسكنه معه بداره ، وكان ذلك فى حياة البابا يؤانس السادس ، ومنذ ذلك الحين توطدت العلاقة بين داود بن لقلق ونشئ الخلافة ابو الفتوح ، وكان للراهب ابن لقلق تعاليم تخالف تعاليم الكنيسة فى تلك الاونه تنيح مطران الحبشة وسعى الراهب داود ان يرسم بدله ، وقدم مائتى دينار للملك العادل ليصدر امره للبطريرك برسامته ، فأرسل الملك رسولا من قبله للبطريرك يحمل له هذا الامر الملكى ، لكن البطريرك اعتذر فى لباقة عن اجابة هذا الطلب لأن الراهب داود لا يصلح للمنصب لفساد ايمانه .... ، وأن ذهابة الى الحبشة قد يجلب مكاره كثيرة ، ولما سمع الملك ذلك عدل عن طلبه ، ورسم البطريرك مطرانا اخر على الحبشة ، وكان ابن لقلق يقلد الكاثوليك فى اقوالهم ولباسهم
كان العون الاكبر للراهب ابن لقلق هو نشئ الخلافة ابو الفتوح ، بينما كان انصار الراهب ابن لقلق ليستعينون على ابن الفتوح بالسلطان الملك الكامل ابن الملك العادل ، ورغم محاولات ابو الفتوح فلم ينجح فى ترشيحة ، فلجأ ابن لقلق الى وسيلة اخرى بأن ارسل الى كراسى الأباء الاساقفة بالوجه البحرى والى اسقف طنبدى فى الوجه القبلى ، فاجتمع سبعة اساقفة فاكرمهم وطلب اليهم كتابة تزكية للراهب داود بأنه يصلح بطريركا
قام ابو الفتوح بمحأولة اخيرة لرسالة ابن لقلق ، فانتهز فرصة خروج الملك العادل الى الاسكندرية واستاذنه فى رسامة ابن لقلق ، فقال له : اجعله بطريركا والحق به الى الاسكندرية ولا تبطئ وبالفعل استعد داود بالثبات كهنوتية ولحق مع الاساقفة وابو الفتوح الى الكنيسة المعلقة ليرسموه بطريركا ، فاتصل البعض بوالى مصر فركب وجماعة من جنده وجاء الى الكنيسة المعلقة وفرقوهم وفر ابن لقلق وخرج الاساقفة قاصدين كراسيهم ، ومنذ ذلك الوقت لم يعد نشئ الخلافة يتحدث فى امر رسامة ابن لقلق
يأس ابن لقلق من رسامته بطريركا وسكن احد الاديرة القريبة من القاهرة وهو دير القديس فيلوثاوس المعروف بدير النسطور الذى كان يشرف عليه احد اعوانه ، وطال الحال بمصر دون بطريرك حتى لم يبقى من الاساقفة سوى اسقفين بالوجه البحرى واسقفين بالوجه القبلى ، وخلت كنائس كثيرة من الكهنة ، حتى ان مدينة الاسكندرية وبرية شيهات لم يبقى لهم الا كاهن واحد ، ونفذ الميرون ايضا حتى اخطرت اغلب الكنائس ان تأخذ بواقى الميرون ويجعلونه فى المعمودية ، كما اخطرت بعض الكنائس فى القرى الى استخدام زيت الغاليلاون بدل الميرون
اخيرا بواسطة راهب يدعى عماد ، اتفق مع الراهب دأود اول ان يدفع ثلاثة الاف دينار ويضمنه بها لبيت المال ، وكان الملك الكامل بالاسكندرية واتفقوا معه ان تتم رسامة الراهب ابن لقلق بطريركا بالاسكندرية باسم كيرلس الثانى وذلك بواسطة يد اسقفين احدهما اسقف اشمون طناح ( اشمون الشرقية ) والثانى اسقف ميليج ، وكان ذلك يوم 16 يونيو 1235 فى كنيسة انبا شنودة خارج المدينة ، واكملت الرسامة يوم الاحد الثانى 23 يونيه بكنيسة سوتير
ومن الاخطاء الكثيرة التى تؤخذ على البابا كيرلس الثالث
1- لجؤدة الى سيمونية فى الرسامات الكهنوتية وكان قد تقرر عليه ان يدفع اثنى عشر الف بندقى لبيت المال ( حوالى 3000 دينار ) وكان لا يملك منها شيئا ، فلجا الى السيمونية لسداد هذا المبلغ ، وبطيبة الحال خطأ واضح
2-فإن هذا البطريرك رسم بطريقة غير شرعية ولا تقرها قوانين الكنيسة ، وقيل عنه انه لم يرسم اسقفا او كاهنا او شماسا الا بالسيمونية ، ورسم عددا كبيرا من الاساقفة لأن معظم الكراسى الاسقفية كانت خالية ، وقيل انه فى اقل من سنه رسم اكثر من 40 اسقفا وعدد لايحص من القسوس والشمامسة وكان عزره الذى يقدمه دائما ازاء هذا النقد هو جمع ما يجب دفعة من المال للسلطان ، ويسبب السيمونية ابتعد عنه اكثر من كانوا ملتصقين به ، حتى نشئ الخلافة نفسه ، وقد تعرض لاهانات وحبس بسبب تصرفاتة التى انكرها عليهاالجميع
ظل البطريرك كيرلس الثالث سائرا فى خطته السيمونية حتى ضج الشعب من تصرفاته ، واجتمع جماعة من الاراخنة واتفقوا على مناقشة فى تصرفاته ، وذهبوا الى الكنيسة المعلقة ، ودار بينهم حوار وحديث ساخن وقالوا له ( الى متى تفعل هذه الاشياء التى جعلتها هتكة ومسبة بين الامراء والشعوب ، تسألهم ( وما هى هذه الاشياء التى تتضررون منها ) قالوا له اخذك السيمونية على الكهنوت ، فلما اسمع احتج بسداد اموال السلطان اجابوه ومن احوجك ان تقرر للسلطان شيئا ما كان معين عليك ان تدخل فيه ، ولم تطرح عليك البطريركية بالقوة ، بل انت الذى قدمت رشوة فى سبيلها ، وخطبتها لك وقضيت فيها الى اليوم مدة تسعة وعشرين شهرا حصل الخراب فى اعمال كنيستنا على يديك ، اجابهم البطريك انى لم اخرب كنيستكم بل عمرتها فما كان فيها سوى اسقفين واصبح عددهم اليوم خمسين اسقفا ، كما اصبح عدد الكهنة لا يعد ولا يحصى ، قالوا له ان الاساقفة هم الاخرون يأخذون السيمونية ، فرد عليهم ومن يرضى بهذا للاساقفة ، لو بلغنى ان اسقفا اخذ السيمونية لمنعته ، وختموا حديثهم معه بان يكتب الى الاساقفة بمنع السيمونية
وفى سبل جمعه لمزيد من الاموال اتبع البطريرك جميع الاديرة للبطريركية بعد ان كان كل اسقف مسئول عن ديرة ، كما أنشا مطرانية قبطية على بيت المقدس وبلاد الشام ورسم لها اسقفا يرعى شئون الاقباط هناك باسم باسيلوس ، وكان هؤلاء اول بطريرك يرسم اسقفا للقدس
وإذاء تصرفات هذا البطريرك تقدم اليه البعض بمطالب للاصلاح فى مقدمتها :
1- ايمان الاقباط وابطال السيمونية ، لكنه لم يبال بها ولم يغير من طريقته
2- تطالبوه بعقد مجمع مقدس ، ولما اعبث الاساقفة الحيل مع البطريرك حضر الى القاهرة اربعة عشر اسقفا اغلبهم من الوجه البحرى واجتمعوا بالبطريرك فى كنيسة حارة زويلة فى 3 سبتمبر 1238 م ، ووضعوا قرارات وقعوا عليها وحرموا من يحيد عنها وهى المعروفة بقوانين كيرلس بن لقلق ، وتبدا هذه القرارات باقرار الايمان الارثوذكسى المحدد بواسطة المجامع المسكونه الثلاثة الاولى نيقية والقسطنطينية وافسس وأياء الكنيسة وقوانين الرسل والمجامع المقبولة ، وبعد ذلك وضعت فى اربعة كتب :
الكتاب الاول يتعلق بنظام ادارة البطريركية
- الكتاب الثانى يشمل النشر مع الكامل لعوايد وطقوس ونظام البيعة
الكتاب الثالث يتكلم عن الاوقاف والصدقات
الكتاب الرابع يتناول موضوعات ظقسيه
هذه القرارات والكتب وضعت بين عامى 1238 – 1239 وقدا ضيف اليها كتاب خامس فى سنه 1240 ويشمل ما اتفق عليه فى مجمع زويلة مع بعض اضافات وقدا شنهر باسم " اتفاق المعلقة "
خرج الاساقفة وعادوا الى كراسيهم بعد انتهاء مجمع زويلة ، لكن البابا كيرلس الثالث بعد ان حدد الانظمة التى تتبع فى ادارة شئون الكنيسة وموافقته عليها هو والاساقفة المجتمعين معه لم يقم بتنفيذها ، فعقد له فى 8 سبتمبر 1240 مجلس فى قلعة صلاح الدين بحضور الوزير معين الدين بن الشيخ والاساقفة وشيوخ الرهبان والاراخنه وبعض المسلمين الذين حضروا مع الوزير ، وقد تقرر فى هذا الاجتماع بحضور كيرلس الثالث ان تسير الامور فى الكنيسة على نحو ماسبق تقريره فى مجمع زويلة واضافوا اليه ما يأتى :
1- ان يلازم القلاية البطريركية اسقفان عالمان هما القمص بولس البوشى الذى تقرر رسامته اسقفا على مصر ، والثانى احد الاساقفة العلماء بالوجه البحرى وحددوا اسماءهم ، ويعمل البطرك معهما فى كل ما يتعلق بشئون الكنيسة الادارية
2- ان تتولى كل كنيسة بمصر والقاهرة والاسكندرية ادارة اوقافها
3- ان تختصر القوانين التى وضعت فى سنتى 1238 ، 1239 بالاتفاق مع البطريرك والاساقفة الحاضرين ، وتكتب عدة نسخ وتوزع على الكراسى للسير بمقتضاها
فيما يتعلق بالرهبان الذين يخدمون فى كنائس العالم يستمد بالخدمة من كان موجودا منهم حتى نياحة البابا يؤنس السادس ، بحيث لايناول احد منهم النساء من الجسد والدم
نصح اسقف مصر النقى انبا بولس البوش البطريرك بأن يلجأ الى حياة الوحدة املا فى الهدوء ولمراجعة تصرفاته والبعد عن العالم وعن الاحتكاك بالناس مما يهيئ له الرجوع الى الصواب فى اواخر حياته ، حتى تتساوى اعماله بمواهبه النادرة ، كما قال فيه ابو شاكر بطرس المعروف بابن الراهب فى كتابه التاريخ ( انه كان رجلا بارعا ذا فنون كثيرة ، الا انه كان يحب جمع المال واخذ السيمونية ، ولهذا عصت عليه اقوام واهانوه وعقدوا له المجالس ، وقد فلح الانبا بولس البوشى فى اقناع البطريرك بذلك ، فاعتزل فى دير الشمع بالجيزة حتى نياحته فى 10 مارس 1243 ودفن بهذا الدير
اعداد القس ارسانيوس اسحق الكلية الاكليريكية شبرا الخيمة
http://www.alanbamarcos.com/…/colledgebo…/colledgebooks.asp…
كلية البابا شنودة الثالث الإكليريكية بشبرا الخيمة
+انظر ايضا ص553-561 تاريخ الكنيسة للقس منسى يوحنا وص109-156 تاريخ البطاركة ج3 للاسقف ساويرس الاشمونى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق