السبت، 28 أبريل 2018

المسيح يحبك للقديس يوحنا ذهبى الفم


المسيح يحبك
للقديس يوحنا ذهبى الفم
خلق الكل لأجلك
الأدلة السابقة فيها الكفاية بالنسبة للقلوب المستعدة، لكن إذ يتمرغ البعض في الوحل... نثبت لهؤلاء عناية الله خلال أعماله قدر ما نستطيع، إذ يصعب علينا حصرها ولو في أقل جانب من جوانبها. عنايته غير المحدودة تظهر في أعماله العظيمة والصغيرة، الظاهرة والخفية. لكننا نكتفي هنا بالبحث في الأمور الظاهرة.
الله لم يوجد الله الخلقة الجميلة المتناسقة إلا لأجلك. من أجلك أبدعها بهذا الجمال وتلك العظمة والتنوع والغنى، حتى يشبع إحتياجات جسدك وينميه، وينمى فيك تقوى الروح، ويقودك بهذا إلى معرفة الله.فالملائكة ليست محتاجة إلى هذه الخليقة )الأرضية( والا ما خلقوا قبلها! إذ يقول الله لأيوب "وعندما : ظهرت الكواكب سبحتني جميع الملائكة". )أي 7:38 بمعنى آخر لقد ذُهلت أمام كثرة الكواكب وجمالها ونظامها ونفعها وتنوعها ونورها!...
هل هناك جمال يفوق روعة السماء إذ تتلألأ بأشعة الشمس، كأنها قد تلألأت بقطرة حب ملتهبة، تنير الأرض بعدد لا يحصي من النجوم، تقود الربابنة والمسافرين، كأنها تمسك بيدهم أيّ شيء يفوق جمال السماء وقد امتدت فوق راسك تارة كغطاء طاهر شفاف وأخري كسهل منبسط
تزينه الورود! المتعة بجمال الورود نها ر اً لا يفوق تأمل جمال السماء ليلاً وقد تلألأت بآلاف زهور النجوم التي لا تذبل!
إن كنت لا تسأم التأمل تستطيع أن تتطلع إلى عناية الله في شهود كثيرين: السحاب فصول السنة،البحار وما فيها، الأرض وما عليها...
هل يوجد أصغر من الفراشة وأحقر منها؟ أو مثل النمل أو النحل؟ ومع هذا فهذه جميعها تتحدث عن عناية الله وقدرته وحكمته!
من أجل هذا إذ تأهل النبي بالروح للتأمل في الخليقة في كليتها صرخ قائلاً: "ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت مز 104
حقًا إن أهوية السماء خلقت من أجلك... ترطب أجسامنا المتعبة وتجفف المناطق الوحلة، وتخفف حدة الصيف، وتنمي الزروع، وتساعد على الإبحار الخ......
. هذا كله من أجلك يا إنسان
الآن وقد فهمت عناية الله أنها تفوق أشعتها ضياء نور الحياة، لا تفحص بفضول الأمور التي تعلوقامتك ولا تسلك فيما لا ينفعك... فوجودنا ذاته هو هبة معطاة لنا من قبيل حبه الفائق إذا هو ليس محتاجًا إلى عبوديتنا.
إذن فلنحبه ونعبده لأنه خلقنا، لا لأنه وهبنا نفسًا روحية عاقلة، ولا لأنه جعلنا أسمي خليقته، ولا لأنهأعطانا سلطانًا على المنظورات، وانما لأنه لم يكن محتاجًا إلينا. هذه هي علامة حبه العظيم أنه أوجدنا لخدمته
............
قدم لنا خلاصًا
1. وهبنا الناموس الطبيعي
وهبنا الله ناموسًا مكتوبًا لنفعنا وأرسل الأنبياء وتمم المعجزات، وقبل هذا كله قدم للإنسان بعد خلقته ناموسًا طبيعيًا لخدمته، يقوم بدور القبطان في السفينة، وكاللجام بالنسبة للحصان مخضعًا له تفكيرنا. هذا عرفه هابيل قبلما توجد المقدسة كما عرفه الآباء والأنبياء قبل كتابة الناموس. وعرفة أيضًا قايين. عرفه الاثنان لكنهمالم يسيرا في ذات الطريق... بل اختار أحدهما الفضيلة والثاني الرذيلة. ومع هذا لم يترك الله الإنسان في هذا الموقف، لكنه إذ سقط جذبه وأعادة إلى الطريق المستقيم وحوطة بحبه وأخذ يحثه وينصحه كما أنذره بالخوف والرعدة، كان يعلمه ويدربه.غير أن غالبية البشر خانوا هذه النعمة العظيمة أيّ الانتفاع مما يلقنه إيانا )الناموس( الطبيعي. لم
يترك الله البشرية ولا أسلمهم للهلاك الأبدي بل انتظر عليهم وأخذ يعلمهم ويحثهم بأعماله وعطاياه وتأديباته...
+. وهبنا الناموس المكتوب
أعطى ناموسًا وأرسل أنبياء، وكان يضرب مؤدبًا ثم يعود فيخفف التأديبات... لم يكف عن تدبير كل الأمور لصالحنا منذ البداية. وأخيرا كلل مراحمه بإرسال ابنه الوحيد.
+. تجسد الابن الكلمة
الابن المساوي للآب في الجوهر صار مثلي! كان يسير على الأرض، ويختلط بالبشر، ويصنع عجائبه بينهم، واهبًا خيرات هذا الدهر والدهر الآتي. وما قدمه على الأرض، إنما كان لتأكيد ما سيهبه في الدهر الآتي. وهكذا حقق الابن ما سبق إعلانه: "من يتكلم بجبروت الرب؟! من يخبر بكل تسابيحه؟مز 106
+. الفداء الذي قدمه!
من لا ينسى نفسه ويقف مرتعدًا أمام حبه العجيب؟! متذكرا أن الله بذل ابنه الوحيد للموت من أجل عبيد بطالين؟! بذله إلى موت اللعنة والهزء! موت اللصوص!
سُمر على الصليب المرتفع، وبصقوا على وجهه! ضربوه بالعصى ولطموه! استهزوا به، واذ شفقوا عليه كفنوه وختموا قبره!
هذا كله أحتمله من أجلك! من أجل حبه المملوء رافة، حتى يعتقك من عبودية الخطية، ويكسر سلطان إبليس، ويحطم شوكة الموت، ويفتح لنا أبواب السماء، ويزيل اللعنة، ويمسح الخطية الأولى، ويعلمك الصبر،ويقودك للاحتمال فلا تتضايق من أمور العالم: لا موت ولا لعنات ولا شتائم ولا هزء ولا ضربات ولا مكائد عدو ولاإفتراءات وهجوم ولا إتهامات أو إساءة ظن ولا شيء من هذا القبيل.
لقد إجتاز هذا كله ليشاركك كل الآلام، غالبًا إياها بطريقة عجيبة حتى يعلمك ويرشدك ألا تخاف شيئًا من هذه المحن.ص12+13 العناية الالهية للقديس يوحنا ذهبى الفم
الله يحبك للقديس يوحنا ذهبى الفم
3

+. إرساله الروح القدس
لم يكتف بهذا بل إذ صعد إلى السماء وهبنا نعمة روحه القدوس العجيبة مرسلاً تلاميذه لخدمته.
و راى أن يتألم صفوة قديسيه بآلام كثيرة، فقد ضربوا بالعصى وأُهينوا وطرحوا في البحار وتألموا في جوع وعطش، وأحاطت به ضيقات كل يوم... وقد سمح لهم بهذا كله من أجلك، من أجل محبته لك المملوءة حنانًا.
+. هيأ لنا ملكوت السماوات
من أجلك يا إنسان هيأ الملكوت! ولأجلك أعدَّ خيرات لا توصف، ونصيبًا معدًا في السماء، وحياة لامثيل لها، وفرحًا لا ينطق به!
أمام هذه الدلائل العظيمة على عناية الله بنا كما جاء في العهدين- القديم والجديد- في حياتنا الحاضرة والعتيدة... في الأمور الجسدية والروحية، هل وأنت ترى في كل شيء سحابة من الشهود تؤكد عنايته لا تزال تشك؟ كلا!.. فإن لك معلم أكثر عطفًاعليك من والدك وأعظم حنوًا من الأم وأكثر حبًا من العريس أو العروس...
اذكر أن راحته بخلاصك وسرورك أعظم من سرورك وأنت هارب من الخطر والموت!... عنايته لاتفسر، وحنانه غير مدرك، وصلاحه لا يحد، وحبه لا يستقصى!
الآن، وقد عرفت هذه الأمور جميعها التي من خلالها يعلن الله لك عن ذاته وأعماله التي صنعها وسيصنعها معك... فلا تسمح أن تسأل نفسك: لماذا هذا؟ وما سبب ذاك؟ فإن هذا فيه جنون الكبرياء المستبد والشيطنة!
إن كنت تصمت أمام الطبيب وهو يستأصل العضو الفاسد ويأمرك بشرب الدواء المر، حتى إن كان الطبيب عبدًا فإن سيده يحتمله في صمت، بل ويشكره، ويطيعه في خضوع مهما أمره الطبيب، مع أن كثيرين ماتوا على أيدي أطباء، فكم بالأولي يليق بالإنسان أن يخضع للديان والمهندس وصاحب السلطان على كل شيء؟!
إن كان من الغباء أن يستفز إنسان جاهل مهندسًا فيما يخص عمله، هكذا من الغباء أن يتسأل إنسان طائش عن هذه الحكمة العجيبة غير المنطوق بها ولا محدودة، مستفسر اً عن عمل ما نحن متأكدون من حكمة صانعه التي لا تخطيء وحبه الذي لا ينتهى وعنايته التي لا توصف. فهو يصنع كل الأمور لأجل خيرنا، إذ لايريد هلاك الإنسان بل خلاص الجميع!
أليس هذا انحراف في التفكير يفوق كل جنون، أن نبدأ نسأل ذاك الذي يريد خلاصنا وهو قادر عليه،ص11-13
العناية الالهية للقديس يوحنا ذهبى الفم – القمص تادرس يعقوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق