السبت، 21 أبريل 2018

اختلاف معرفتنا الان وفى الابدية فلا ندرك لماذ صنعنا الله هكذا؟

بين معرفتنا الحالية ومعرفتنا الأبدية
لم يكتف الرسول بهذا، لكنه عندما تعرض لمعرفة الأمور الإلهية - في رسالته إلى أهل كورنثوس -
أكد أن معرفته - بالرغم مما ناله منها- لا تزال محدودة وغاية في الضآلة إذ قال: "فإن كان أحد يظن أنه
يعرف شيئًا فإنه لم يعرف شيئًا بعد كما يجب أن يعرف". لقد أكد لنا أننا الآن نعرف بعض المعرفة، أما الجانب
الأعظم منها فسنعرفه في الدهر الآتى "لأننا نعلم بعض العلم ونتنبأ بعض التنبؤ، ولكن متى جاء الكامل فحينئذ
." يبطل ما هو بعض
وعندما اراد توضيح الفارق بين معرفتنا هنا ومعرفتنا في الحياة الأخرى لجأ إلى هذا التصوير: "لماكنت طفلاً كطفل كنت أتكلم، وكطفل كنت أفطن، وكطفل كنت أفتكر، ولكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل.فإننا ننظر الآن في مرآة، في لغز، ولكن حينئذ وجهًا لوجه".
هل لمست مدى الفارق بينهما؟ إنه كاختلاف معرفة الطفل الصغير عن معرفة الرجل الناضج،وكاختلاف الرؤية في مرآة عن التطلع وجهًا لوجه، إذ تشير المرآة إلى التعبير العميق لكن في غموض..فلماذا إذن لا نصدق قول بولس 5: "من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله؟ ألعل الجبلة تقول لجابلها
لماذا صنعتني هكذا؟!"
تأمل كيف يليق بنا الخضوع لارادة الله في صمت!
إنه بلا شك لا يقصد بقوله هذا أنه يود أن يفقدنا ارادتنا حاشا! لكنه يؤكد أنه ينبغي على الباحث الالتزام بالصمت، كالطين في يدَّ الخزاف لا يقاوم ولا يجادل. وقد ذكر الخزاف والطين ليذكرنا بطبيعتنا، فإنهما في درجة واحدة من حيث وجودهما )لأن الخزاف مخلوق من الخزاف ( ومع هذا يخضع الطين للخزاف، فأية مغفرة يترجاها الإنسان وهو يتجاسر بتهور مجادلاً ارادة الله جابله، مع أن الفارق بينه وبين الوجود ذاته لا نهائيًا؟!أذكر أيها الإنسان من أنت؟ ألست طينًا وترا بًا ورمادًا؟ ألست بخا ر اً ؟ ألست عشبًا؟ ألست زهرة عشب؟
هكذا يتسابق الأنبياء في رسم صور قدام أعيننا للتعبير عن حقيقة وجودنا. أما الله الذي تود أن تخضعه لفضولك الطائش فهو لا يخضع للموت أو التغيير. إنه سرمدي لا بداية له ولا نهاية، غير مدرك، فائق لكل فهم وكل منطق، غير موصوف ولا منظور! هذه الصفات التي لا نقدر إد را كها أنا وأنت أو حتى الرسل والأنبياء، بل ولا القوات السمائية- رغم طهارتها غير المنظورة وروحانيتها ومعيشتها في السماء على الدوام..ص6-7 العناية الالهية للقديس يوحنا ذهبى الفم – القمص تادرس يعقوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق