مفاهيم خاطئة وتفاسير كتابية حول دوام بتولية العذراء مريم
يقول اثناسيوس عن مخالفى الايمان: هكذا يثرثر هؤلاء الناس ولكنى لا ارى فى كلامهم الباطل سوى وقاحة غير معقولة وجنون شيطانى ص44 ضد الاريوسيين ج3
عبارة (امرأتك) تعني زوجتك. وكانت تطلق علي المرأة منذ خطوبتها. وفي تفسير قول الملاك ليوسف النجار (لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس) (مت20:1). يقول القديس يوحنا ذهبي الفم (هنا يدعو الخطيبة زوجة، كما تعود الكتاب، أن يدعو المخطوبين أزواجًا حتى قبل الزواج. ويقول أيضًا (ماذا تعني عبارة (تأخذ إليك)؟ معناها أن تحفظها في بيتك. كمن قد عهد بها إليك من الله وليس من أبويها. لأنه قد عهد بها إليك ليس للزواج، وإنما لتعيش معك، كما عهد بها المسيح نفسه فيما بعد إلي تلميذه يوحنا (تفسير متى مقالة 11:4).
والقديس جيروم يقول أيضا أن لقب (امرأة) أو زوجة كان يمنح أيضا للمخطوبات. ويستدل علي ذلك بقول الكتاب (إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل، فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها.. ارجموها: الفتاة من أجل أنها لم تصرخ. والرجل من أجل أنه أذل إمرأة صاحبه (تث22: 23، 24) (تث7:20)..
وهنا استخدم الكتاب كلمة امرأة عن العذراء المخطوبة وكلمة امرأة تدل علي الأنوثة وليس علي الزواج.
والواقع أن حواء سميت أولًا امرأة لأنها من امرئ أخزت (تك23:2). وسميت حواء لأنها أم لكل حي (تك20:3). فكلمة امرأة تدل علي خلقها وأنوثتها. وكلمة حواء تدل علي أمومتها
ودليل أن كلمة امرأة بالنسبة إلي العذراء كانت تدل علي خطوبتها وليس زواجها، قول القديس لوقا الإنجيلي (فصعد يوسف أيضًا من الجليل، ليكتتب مع امرأته المخطوبة وهي حبلي) (لو2: 4، 5). إذن عبارة (لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك) معناها خطيبتك..
فمريم دعيت امرأة ليس لأنها فقدت بتوليتها، حاشا. فالكتاب يشهد أنه لم يعرفها. ولكن دعيت هكذا، لأن هذا هو التعبير المألوف عند اليهود، أن تدعي الخطيبة امرأة. بل الأنثى كانت تدعي امرأة. بدليل أن حواء عقب خلقها مباشرة دعيت امرأة، قبل الخطية والطرد من الجنة والإنجاب..
ونلاحظ أن الملاك لم يستخدم مع يوسف عبارة امرأتك بعد ميلاد المسيح، وإنما قال له (قم خذ الصبي وأمه) (مت13:2). وفي عودته من مصر قال له (قم خذ الصبي وأمه) (مت20:2).. وفعل يوسف هكذا في السفر إلي مصر وفي الرجوع (قام وأخذ الصبي وأمه) (مت2: 14، 21). ولم يستخدم عبارة امرأته.
عبارة امرأته استخدمت قبل الحمل وأثناءه لكي تحفظ مريم فلا يرجمها اليهود، إذ أنها قد حبلت وهي ليست امرأة لرجل. أما بعد ولادة المسيح، فلم يستخدم الوحي الإلهي هذه العبارة، لا بالنسبة إلي كلام الملاك مع يوسف، ولا بالنسبة إلي ما فعله يوسف. ولا بالنسبة إلي المجوس الذين (رأوا الصبي مع مريم أمه) (مت11:2). ولا بالنسبة إلي الرعاة الذين (وجدوا مريم ويسوف والطفل مضطجعًا) (مت16:2).
قبل أن يجتمعا
هدف الإنجيلي هو إثبات أن المسيح قد حبل به من عذراء لم تعرف رجلًا لسببين:
- لإثبات أن المولود، لم يولد ولادة طبيعية من أبوين كباقي الناس، إنما ولادته من عذراء دليل علي لاهوته، إذ يكون قد ولد من الروح القدس. وهذا ما عبر عنه الملاك بقوله (لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس) (مت20:1).
- - لأن ولادته من عذراء من غير زرع بشر، تجعلنا نؤمن أنه لم يرث الخطية الجدية. وبهذا يكون قادرًا علي خلاصنا، لأنه إذ هو بلا خطية يمكن أن يموت عن الخطاة.
لذلك كان تركيز الرسول هو علي أن العذراء لم تجتمع برجل قبل ميلاد المسيح لإثبات ميلاده العذراوي، أما كونها بعد ميلاده لم تجتمع برجل فهذا أمر بديهي لا يحتاج إلي إثبات.
لم يعرفها حتى..
عبارة "حتى"، أو (إلي أن) Until تنسحب علي ما قبلها، ولا تعني عكسها فيما بعد.
ومثال ذلك قول الكتاب عن ميكال ابنة شاول الملك (ولم يكن لها ولد حتى ماتت) (2صم23:6). وطبعًا بعد أن ماتت لم يكن لها ولد.. وقول السيد المسيح (ها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر) (مت19:28). وطبعًا بعد انقضاء الدهر (متى سيظل معنا، وكذلك قول الرب للمسيح (اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك تحت قدميك) (مز110). وطبعًا بعد هذا سيظل عن يمينه..
والأمثلة من هذا النوع كثيرة جدًا..
إذن كلمة حتى لا تعني بالضرورة عكس ما بعدها.
فيوسف لم يعرف مريم حتى ولدت ابنها البكر. ولا بعد أن ولدته عرفها أيضًا لأنه إن كان قد احتشم عن أن يمسها قبل ميلاد المسيح، فكم بالأولي بعد ولادته، وبعد أن رأي المعجزات والملائكة والمجوس وتحقق النبوءات وعلم يقينًا أنه مولود من الروح القدس، وأنه ابن العلي يدعي، وأنه القدوس وعمانوئيل والمخلص.
وأنه هو الذي تحققت فيه نبوءة إشعياء النبي القائل (وهوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل) (اش14:7). وأيضًا (لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا وتكون الرئاسة علي كتفه، ويدعي اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية علي كرسي داود وعلي مملكته) (اش9: 6، 7). ولعل هذا الجزء الأخير هو الذي اقتبسه الملاك في بشارته للعذراء (لو1: 31-33).
عبارة "أخوته"
عبارة أخ في التعبير اليهودي قد تدل علي القرابة الشديدة كما تدل علي الأخ ابن الأب أو الأم أو كليهما. والأمثلة علي ذلك كثيرة منها:
* ما قيل عن أخوة بين يعقوب وخاله لابان:
يقول الكتاب عن مقابلة يعقوب وراحيل (فكان لما أبصر يعقوب راحيل بن لابان خاله وغنم لابان خاله، أن يعقوب تقدم ودحرج الحجر عن فم البئر. وسقي غنم لابان خاله. وقبل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكي. واخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها) (تك29: 10-12). مع أن أباها هو خاله، وقد تكررت عبارة خاله في هذا النص مرات كثيرة.
وهنا استعملت كلمة أخ للدلالة علي القرابة الشديدة.
الكتاب عن سبي لوط مع أهل سادوم (فلما سمع آبرام أن أخاه قد سبى، جر رجاله المتمرنين) (تك14:14). فاعتبر أن لوطًا أخوه مع أنه ابن أخيه. ولكنها القرابة الشديدة.
وبنفس الأسلوب قيل "أخوة يسوع" عن أولاد خالته كما سنبين الآن من هم أخوة الرب:
لما ذهب السيد إلي وطنه تعجبوا قائلين: أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعي مريم؟ وأخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أو ليست أخواته جميعهن عندنا؟) (مت13: 54-56) (مر6: 1-3).
والقديس بولس الرسول يذكر أنه رأي (يعقوب أخا الرب) (غل9:1). ويعقوب هذا يسمونه يعقوب الصغير (مر40:15). لتمييزه عن يعقوب بن زبدي ويدعي أيضًا يعقوب ابن حلفي (مت3:10) وكان من الرسل كما ورد في (غل19:1).
والقديس متى الرسول يذكر أنه عند صليب الرب (نسوة كثيرات كن هناك، ينظرون من بعيد، وبينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي، وأم ابني زبدي (مت27: 55، 56).
فمن هي مريم أم يعقوب ويوسي هذه؟ هل هي مريم العذراء؟ وهل يعقل أن العذراء أنجبت كل هذه المجموعة الكبيرة من الأنبياء؟!
أنها مريم زوجة حلفي أو كلوبا، التي قال عنها يوحنا الرسول (وكن واقفات عند صليب يسوع: أمه، وأخت أمه: مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية) (يو25:19)- قارن مع (مت27: 55، 56).
مريم أم يعقوب ويوسي كانت مع مريم المجدلية عند صليب المسيح (مت27: 55، 56) وهما نفسهما: مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي كانتا واقفتين وقت الدفن (تنظران أين وضع) (مر47:15). وهما أيضًا أحضرتا حنوطًا بعدما مضي السبت (مر1:16). وهما أيضًا كانتا واقفتين عند الصليب مع مريم أمه وهما اللتان قصدهما يوحنا الإنجيلي بقوله (وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية.
إذن أخوة الرب يسوع هم أولاد خالته مريم زوجة كلوبا أو حلفي أم يعقوب ويوسي وباقي الأخوة.
أما عن الخلاف بين أسم حلفى وأسم كلوبا، فإما أن يكون خلافًا في النطق أو كما قال القديس جيروم: من عادة الكتاب أن يحمل الشخص الواحد أكثر من أسم؛ فرعوئيل حمو موسى (خر18:2). يدعي أيضًا يثرون (خر18:4). وجدعون يدعي يربعل (قض32:6). وبطرس دعي أيضا سمعان وصفا، ويهوذا الغيور دعي تداوس (مت3:10). واضح إذن أن أم مريم أم يعقوب ويوسي ليست هي مريم العذراء ولم يحدث مطلقًا أن الكتاب دعاها بهذا الاسم.
ملاحظات
* من غير المعقول أن يكون لمريم أم المسيح كل هؤلاء الأبناء ويعهد بها الرب علي الصليب إلي يوحنا تلميذه. لاشك أن أولادها كانوا أولي بها لو كان لها أولاد..
* نلاحظ في أسفار يوسف ومريم في الذهاب إلي مصر والرجوع منها، لم يذكر اسم أي ابن لمريم غير (يسوع) (مت2: 14، 20، 21). وكذلك في الرحلة إلي أورشليم وعمره 12 سنة (لو43:2).
* وليس صحيحًا ما يقول البعض أن (أخوة يسوع) هو أبناء ليوسف من أمراة أخري ترمل بموتها. فالكتاب يذكر أن مريم أم يعقوب ويوسي كانت حاضرة صلب المسيح ودفنه كما ذكرنا (مر47:15).
* وهناك نص كتابي واضح في نبوءة حزقيال يؤيد دوام بتولية العذراء. لقد رأي حزقيال النبي بابًا مغلقًا في المشرق. وقيل له (هذا الباب يكون مغلق لا يفتح ولا يدخل منه إنسان. لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا) (حز2:44).
إنه رحم العذراء الذي دخل منه الرب، فظل مغلقًا لم يدخله ابن آخر لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق